الجن ذكر في القرآن الكريم ، كما هو الحال في ذكر الانس ، وخلق
الله الجن قبل الانس ، وعالم الجن كبير ومعقد ، واعداده تفوق اعداد الانس
اضعافا مضاعفة ، والفارق بيننا وبينهم انهم يرونا من حيث لا نراهم ، الا من
كشف الله عن بصيرته او اراد له ذلك ، وهم اهل قبائل وعشائر وديانات وطرائق
، فتجد فيهم المسلم ، والنصراني واليهودي والمجوسي ، وكذلك عبدة ابليس
اللعين ، ومنهم من لا دين له ، وليس هذا فحسب ، اذ الفوارق كبيرة بينهم
حجما وشكلا ، وهم نقيض للانسان الذي لا يحمل هذه الفوارق بين افراده في هذا
الصدد ، لكن عالم الجن مختلف تماما ، فقد يصل طول المارد منهم الى مئات
الامتار ، في حين لا يتعدى طول القزم منهم المتر الواحد ، فكما نلاحظ
فالفارق كبير جدا ، اضف الى ذلك الاختلاف الواضح باللون والشكل ، اذ تتنوع
الالوان فيهم فالاحمر منهم والازرق وكذلك سود اللون في التشكيل ، واما
التنقل والحركة ، فأن منهم من يدب على الارض قفزا فيزيده القفز سرعة وقد
تقدر سرعة من يدب على الارض منهم سبعين كيلو مترا في الدقيقة الواحدة
بمقياسنا نحن البشر ، ومنهم من يطير وله سرعة تفيق سرعة من يدب على الارض
آلاف الاضعاف ، وقد تقدر سرعة من يطيرون بسرعة الضوء وكلاهما خلق الله ،
رسلنا لنا ولهم والكتب السماوية الاربعة ذكر فيها الجن ، وان الله خلقهم
ليكونوا عابدين مخلصين له ، ولكن وللاسف كما يحصل في عالم الانس قد تجد
المطيع ، وقد تجد الوضيع ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
وينقسم
الجن الى قسمين رئيسيان : القسم الاول : العفاريت ، والقسم الثاني :
الشياطين . اما العفاريت فينقسمو ايضا الى اربعة اقسام ، القسم الاول :
السباسب او " السباسبة " ، والقسم الثاني : التواقيف او " التواقفة " ،
والقسم الثالث : الزوابع او " الزوابعة " ، والقسم الرابع : شياطين
العفاريت او " الابالسه " ، ولا بد ان نشير الى ان العفاريت لا تعني من يدب
على الارض وان كان بعضهم يدب عليها ، ومأكل العفاريت ومشربهم قريب من مأكل
ومشرب الانس ، لكنهم يقتاتون من مخلفات وفضلات طعام الانس ، وهذ يدل انهم
اتكاليين ، ويسكن العفاريت قرب ينابيع المياه وفي الوديان والجبال المشجرة
والاحراش والبيوت المهجورة من قبل الانس والآبار القديمة والكهوف والمغر
والسراديب ، ولهم نواحي سلوكية كثيرة منهم من يحب الانسان ويعيش قريب منه ،
ومنهم ما هو عكس ذلك ، وهم اصصحاب طرائق وكلا على طريقته ، واصحاب الطرائق
هم الارهاط وهم ضالون ويتبعون اولياء من دون الله ، الا اصحاب الطرق التي
تكون من روح الشريعة وهذه الطرق غالبا ما يكون علمائها او شيوخها من الانس
فهم اكثر التزاما ، وللعفاريت او للجن عامة امكانية الولوج الى الارض
والخروج منها ، وبأمكانهم ايضا ان يركبو الرياح كمثل الزوابعة ، ومنهم من
يسكن السحاب والكواكب السيارة وهم من يسمون " بالجن الطيار " او " الجن
العلوي " ، ولا نريد ان ندخل في تفاصيل الجن العلوي لعدم اختلاطه او
احتكاكه بالانسان لا بأذى ولا الى آخره ، ومن العفاريت من يسكنوا البحور
المالحة ومعظمهم من شياطين العفاريت وهاؤلاء اسم على مسمى لا يوجد بينهم من
هو صالح او حتى اليف ، ومن يسكن في البحور منهم يطلق عليهم اسم " الغواصون
" ، وهاؤلاء من تسخرهم كبار الشياطين لخدمة السحر والسحرة والمشعوذين ،
ومن العفاريت من يطلق عليه اسم الغول وهاؤلاء من يتشكلو ا بالحيايا والكلاب
السود والحيوانات وهم من التواقيف والسباسبة . اما القسم الرئيسي الثاني :
الشياطين وينقسم الشياطين الى قسمين القسم الاول : كبار الشياطين ، والقسم
الثاني : الطواغيت ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن
الرحيم ، رب اعوذ بك من همزات الشياطين ، واعوذ بك رب ان يحضرون ، اللهم
اني اعوذ بك من الهم والحزن ، ، واعوذ بك من العجز والكسل ، واعوذ بك من
الجبن والبخل ، واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ، اللهم اني اعوذ بك من
الفقر والعيّلة ، واعوذ بك من كل بلية ، اللهم اني اعوذ بك من الفقر الا
اليك ، ومن الذل الا لك ، ومن الخوف الا منك ، واعوذ بك ان اقول زورا ، او
اغشى فجورا ، او اكون بك مغرورا ، واعوذ بك من عضال الداء ، وخيبة الرجاء ،
وشماتة الاعداء ، وزوال النعمة ، وفجأة النقمة ، اللهم اني اعوذ بك من شر
الخلق وهم الرزق وسوء الخلق ، آمين آمين يا ارحم الراحمين . اما بالنسبة
لكبار الشياطين ، فأطلق عليهم هذا الاسم لان صغار الشياطين هم شياطين
العفاريت كما ورد سابقا ، وكبار الشياطين هم من عبدة ابليس واغلبهم مردة ،
وقد ذكر الشيطان المارد في القرآن الكريم ، في سورة " الصافات " ، ويختلف
هاؤلاء عن باقي الجن في اللون وطبيعة الخلق ، والاختلاف حتى بطريقة توالدهم
وهم كثيرون ويطلق عليهم اسم " الجن الازرق " ، ومنهم من يحمل عرش ابليس
اللعين ، ومنهم من هو من خدام اسماؤه الشيطانية ، واسماؤه كثيرة ، من ذلك
ندرك ما هو السحر والسحرة والطلاسم والاسماء الشيطانية المكتوبة بالعربية ،
ذات المفهوم السرياني ، وعن طريق هاؤلاء الشياطين يتم الدعم الشيطاني
لحلفاء ابليس في الارض ، ولكي يصيح الساحر ساحرا او المشعوذ مشعوذا يجب ان
يكون حليف ابليس اللعين في الارض ودسيسة بين البشر ، فأنه يدخل خلوته
اربعين يوما او اكثر ، ويبدأبتلاوة الاسماء الشيطانية ، حتى تأتيه خدام هذه
الاسماء وهي من كبار الشياطين ويطلبون منه ثمن انضمامه لحلفاء ابليس ،
وغالبا ما يكون هذا الثمن معاصي كبيرة تهز عرش الرحمن لا حولا ولا قوة الا
بالله العلي العظيم ، مثل تدنيس القرآن الكريم ، او التبرأ من رب العالمين ،
او الصيام عن الروح وهتك الاعراض وهتك الارحام والى اخره ، اما اذا نفذ ما
طلب منه هذا النجس ، عين حليفا جديدا لابليس في الارض ، وترتفع رتب
الحلفاء كل ما ابتعد عن الله اكثر اقترب الى ابليس اكثر والعياذ بالله .
اما القسم الثاني : الطواغيت ، لقد ورد ذكر الطواغيت بالقرآن الكريم في
اكثر من موقع ، وطواغيت جمع طاغوت ، والطواغيت هم خدام السحر ولكن لسحر
كبار السحرة ، فهم غالبا ما يخدمون السحر القائم على المعاصي الكبار كتدنيس
القرآن وآياته والعياذ بالله ، وكذلك سحر النجاسة الذي عادة ما يكون من
حيض النساء ، اما الآخرون من الطواغيت فأن وظيفتهم اخراج الناس من النور
الى الظلمات ، عن طريق الوسوسة لفعل المعاصي ، او عن طريق حكم القرين
وتفعيل وسوسته الشيطانية ، فهم يسحبون الانسان صاحب النفس المريضة من عبادة
الله الى عبادة ابليس والمشي على ما يرضيه ، ومعظم الطواغيت يسكنون قرب
الدم وفي البحور وهم من الجن الذي يسمى " الجن الاحمر " فهم يتغذون على
الدم وعاذتا ما يكونون بقرب من يذبح القرابين كالكهان او الى اخره ، واعلم
اخي القارىء ان ابليس يسكن البحر وله فيه عرشا يحمله ثمانية من كبار
الشياطين ، قاتل الله ابليس واتباعه ومن صار على دربه الى يوم الدين اللهم
آمين ، فطاغوت كلمة تطلق على طواغيت الجن والانس ، فمن كان مشركا ومؤذيا
لعباد الله ، ومخرجا الناس ون النور الا الظلمات فهو طاغوت ، قاتل الله
طواغيت الجن والانس فهم ضالين ، وما لهم على عباد الرحمن من سلطان ، يقول
الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من
اتبعك من الغاوين 43 } سورة " الحجر " . صدق الله العظيم الستار وبلغ
الرسالة نبيه المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى اله وصحبه الاخيار . وفي
هذا القدر كفاية .