باب ما جاء في العين والحسد
للشيخ
إبن جبرين حفظه اللهحكم استخدام رقية العين في السيارة
سؤال: أخبرنا
أحد القراء أن أحد الأشخاص عاين سيارته فطلب القارئ من العائن أن يتوضأ
وبعد ذلك قام هو بأخذ هذا الماء ووضعه في رديتير السيارة فتحركت السيارة
وكأنها لم يكن بها شيء.
فما حكم عمله هذا؟ وذلك لأن الذي أعرفه في السنة
هو أخذ غسول العائن في حالة إصابته لشخص آخر.
الجواب: لا بأس بذلك فإن
العين كما تصيب الحيوان فقد تصيب المصانع والدور والصنيعات والسيارات
والوحوش ونحوها.
وعلاج الإصابة أن يتوضأ العائن أو يغتسل ويصب ماء وضوئه
أو غسله أو غسل أحد أعضائه على الدابة ومثلها على السيارة ونحوها ووضعه في
الرديتير مثل هذه الإصابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإذا استغسلتم
فاغسلوا" والوقائع في ذلك مشهورة، والله أعلم .
حكم طلب غسول العائن
والتوجيه لمن يطلب منه ذلك
سؤال: جاء في الحديث الذي رواه مسلم "العين
حق ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين وإذا استغسلتم فاغسلوا " فهل معنى
هذا أنه لا حرج في طلب غسول العائن لما ورد في الحديث وما هي نصيحتي لمن
يطلب منه ذلك حيث إن البعض يغضب إذا طلب منه ذلك؟
الجواب: إذا عرف
العائن وتحقق أنه هو الذي أصاب العين فإنه يطلب منه غسل يديه أو شيء من
بدنه ليصب على المعين أو يشرب منه وهكذا إذا عرف العائن نفسه أنه يصيب من
عانه فعليه أن يبرك على المعين بقوله: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وعليه
بعد الإصابة بالعين أن ينفث عليه أو يغسل بعض جسده ويصبه عليه. ولا يجوز
له الامتناع عن الغسل إذا طلب منه ذلك سواء كان متهما لكلمة قالها أو
متيقنا أن نفسه الذي أصاب المعين.
ولا يجوز أن يغضب من ذلك ولو عرف من
نفسه أنه لا يعين فإن العين قد تسبق صاحبها وكثيرا ما تقع الإصابة بدون
إرادة العائن حتى قد يصيب بعض أولاده أو بعض ماله ثم يندم على كلمة صدرت
منه، والله أعلم .
أسباب الإصابة بالسحر والعين
سؤال: ما هي أسباب
الإصابة بالسحر والعين والمس؟
الجواب: اعلم أن عمل السحر محرم وكفر
بالله تعالى لأن الساحر يستعين بالشياطين ويتقرب إلى الجن حتى يساعدوه في
الإصابة بالسحر ومنه الصرف والعطف، فالساحر إذا أراد إضرار إنسان من رجل أو
امرأة دعا شياطينه والمردة لهم أو خدمهم وطلب منهم أن يلابسوا فلانا أو
فلانة فيحصل المس بإذن الله تعالى.
وعلاج ذلك التحصن بذكر الله وعبادته
وطاعته والبعد عن المعاصي وعن مخالطة أهلها والإكثار من قراءة القرآن
وتدبره وقراءة الأوراد والأدعية والأذكار فمع ذلك يحفظ الله تعالى عبده عن
الإصابة بالمس والسحر.
أما العين فهي أن بعض الناس يعرف بالحسد والحقد
على الناس فمتى رأى منهم ما يغبطون به وجه إليهم قلبه وحاول أن يتكلم بكلام
حاد فيتوجه من نظره مواد سامة تؤثر في المعين بإذن الله.
وعلاج ذلك
الحرص على البعد عن هؤلاء المعروفين بالحسد وعلى عدم إظهار الزينة قدامهم
ونصحهم عن الإضرار بالناس بغير حق وطلبهم التبريك على المسلم وقول ما شاء
الله لا قوة إلا بالله ونحو ذلك .
الإصابة بالعين دون قصد
سؤال: هل
صحيح أن الإنسان ممكن أن يعاين دون قصد منه وما علاج ذلك؟
الجواب: العين
حق كما ورد في الحديث وذلك أن العائن يعجبه الشيء الذي يراه من إنسان أو
حيوان أو متاع فتتمثل نفسه الشريرة الحاسدة بشيء من الضرر فتنطلق منها ذرات
سامة تؤثر في المعين بإذن الله الكوني لا الشرعي.
وقد تحصل منه الإصابة
دون قصد فقد يعين ولده أو زوجته أو دابته ونحو ذلك.
وعلاج ذلك هو
التبريك عليه بأن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله وكذا أن يغسل شيئا من
جسده ويصب على المعين، والله أعلم .
حب التميز عن الغير في الملبس
وعلاقته بالحسد
سؤال: وسئل فضيلة الشيخ:
عن امرأة تحب أن تكون متميزة
عن غيرها في لباسها، ولا تريد أحداً مثلها؛ بل ولا تريد أحدا أفضل منها،
ولكنها لا تتمنى زوال نعمة أحد من الناس؛ فهل هذا حسد أم كبر؟ علما بأنها
تكره هاتين الصفتين، الحسد والكبر؟
الجواب: لا ندري ماذا يقوم بقلب هذه
المرأة مما يجعلها على هذه الصفات. فإن كان ذلك حسداً فهو محرم.
وإن كان
تكبراً واستنكافا عن مشاركة الغير في ذلك الوصف؛ فهو محرم أيضاً، ولكن
الكبر المذموم هو بطر الحق وغمط الناس، أي: احتقارهم، وليس من الكبر من يحب
أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا، فإن الله جميل يحب الجمال.
وإن كان
فعلها هذا حباً للتميز والشهرة، بسمة خاصة، فينظر إلى سبب ذلك، ويمكن أن
يكون هذا من الأخلاق التي تتمكن من قلوب بعض الناس دون أن يكون لها دوافع
ممنوعة ، والله أعلم.
الإحتياط من العين وعلاقة ذلك بالتوكل
سؤال: هل
للمسلم أن يحتاط من العين، مع ثبوتها في السنة؟ وهل يخافى ذلك التوكل على
الله؟
الجواب: ورد في الحديث: "أن العين حق، ولو كان شيء سابق القدر
سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا " .
والعين هي: عين الإنسان التي
تصيب الأشياء فتتلفها، ولا تفسد إلا بإذن الله، وتقدره.
أما كيفيتها:
فالله أعلم بها، إلا أن بعض الناس تكون نفسه شريرة، وتنبعث منها عند تسممها
مواد سامة ضارة، تصل إلى ذلك المعين، فتحدث فيه أحداث بإذن الله كأن يتألم
ونحو ذلك.
ولك أن تحتاط، ولك أن تبذل الأسباب التي تقيك من شره.
ومن
هذه الأسباب:
الاستعاذة: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن
والحسين ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان، وعين الإنسان ،
وكان جبريل عليه السلام يرقي النبي صلى الله عليه وسلم من العين فكان يقول:
"باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله
يشفيك، باسم الله أرقيك " .
فعلى الإنسان أن يأتي بهذه الأدعية،
والأسباب التي تقيه، مع معالجة ذلك إذا وقع، فإنه إذا اتهم إنسان بأنه
أصابه بالعين، فيطلب منه أن يغسل له ثوبه أو نحو ذلك، لقوله في الحديث: "
وإذا استغسلتم فاغسلوا " .
سؤال:
هل صحيح أن الكافر لا يصيب المسلم بالعين- أي بالحسد-؟ وما هو الدليل؟
الجواب:
ليس بصحيح؛ بل الكافركغيره قد يصيب بالعين .
من الناس من يقدر أن يصيب
من أراد بالعين ومتى أرادوا
سؤال: سمعنا أن هناك بعض الأشخاص لهم قدرة
الإصابة بالعين لمن أرادوا ومتى أرادوا فهل هذا صحيح؟
الجواب: لاشك أن
العين حق كما هو الواقع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " العين حق ولو
كان شيء سابق للقدر لسبقته العين " ، وفي حديث آخر: "إن العين لتدخل الرجل
القبر والجمل القدر" ، أي يحصل بها الموت أما حقيقتها فالله أعلم بذلك.
ولاشك
أنها تكون في بعض الناس دون بعض، وأن العائن قد يتعمد الإصابة فيحصل
الضرر، وقد لا يتعمد الإصابة فتقع منه بغير قصد ضرر، وهناك من يحاول
الإصابة ولا يقدر عليها.
وقد أمر الله بالاستعاذة من العائن، فهو داخل
في قوله تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5) سورة الفلق ،
وبالاستعاذة من شره يحصل الحفظ والحماية، والله أعلم .
هل العين يؤثر في
المعاين وهل هذا يخالف القرآن
سؤال: اختلف بعض الناس في العين فقال
بعضهم: لا تؤثر لمخالفتها للقرآن الكريم. فما القول الحق في هذه المسألة؟
الجواب:
القول الحق ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وهي: "إن العين حق " ، وهذا
أمر قد شهد له الواقع ولا أعلم آيات تعارض هذا الحديث حتى يقول هؤلاء إنه
يعارض سبحانه وتعالى قد جعل لكل شيء سببا، حتى إن بعض المفسرين قالوا في
قوله تعالى: {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ
بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ } (51) سورة القلم قالوا: إن
المراد هنا العين.
ولكن على كل حال سواء كان هذا هو المراد بالآية أم
غيره فإن العين ثابتة وهي حق لا ريب فيها والواقع يشهد لذلك منذ عهد الرسول
صلى الله عليه وسلم إلى اليوم.
ولكم من أصيب بالعين فماذا يصنع؟
الجواب:
يعمل بالقراءة وإذا علم عائنه فإنه يطلب منه أن يتوضأ ويؤخذ ما يتساقط من
ماء وضوئه ثم يعطى للمعائن يصب على رأسه وعلى ظهره ويسقى منه وبهذا يشفى
بإذن الله، وقد جرت العادة عندنا أنهم يأخذون من العائن ما يباشر جسمه من
اللباس مثل الطاقية وما أشبه ذلك ويربصونها بالماء ثم يسقونها المصاب
ورأينا ذلك يفيده حسبما تواتر عندنا من النقول فإذا كان هذا هو الواقع فلا
بأس باستعماله لأن السبب إذا ثبت كونه سببا شرعاً أو حسا فإنه يعتبر صحيحا،
أما ما ليس بسبب شرعي ولا حسي فإنه لا يجوز اعتماده؛ مثل أولئك الذين
يعتمدون على التمائم ونحوها يعلقونها على أنفسهم ليدفعوا بها العين فإن هذا
لا أصل له سواء كانت هذه من القرآن الكريم أو من غير القرآن الكريم، وقد
رخص بعض السلف في تعليق التمائم إذا كانت من القرآن الكريم ودعت الحاجة
إليها .
كيفية العلاج من العين وهل التحرز منها يخالف التوكل
سؤال:
هل العين تصيب الإنسان؟ وكيف تعالج؟ وهل التحرز منها ينافي التوكل؟
الجواب:
رأينا في العين أنها حق ثابت شرعا وحسا قال الله تعالى: {وَإِن يَكَادُ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا
الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (51) سورة القلم ، قال ابن
عباس وغيره في تفسيرها: أي يعينوك بأبصارهم، ويقول النبي صلى الله عليه
وسلم: ((العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين وإذا استغسلتم
فاغسلوا)) رواه مسلم.
ومن ذلك ما رواه النسائي وابن ماجه أن عامر بن
ربيعة مر بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة فما لبث
أن لبط به، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل له: أدرك سهلاً
صريعا، فقال: " من تتهمون؟ " قالوا: عامر بن ربيعة، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: "علام يقتل أحدكم أخاه إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له
بالبركة ثم دعا بماء فأمر عامرا أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين
وركبته وداخلة إزاره وأمره أن يصب عليه، وفي لفظ: يكفأ الإناء من خلفه"
والواقع شاهد بذلك ولا يمكن إنكاره.
وفي حالة وقوعها تستعمل العلاجات
الشرعية وهي:
1- القراءة: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا رقية
إلا من عين أو حمة" ، وقد كان
جبريل يرقي النبي صلى الله عليه وسلم
فيقول: "باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله
يشفيك باسم الله أرقيك " .
2- الاستغسال: كما أمر به النبي صلى الله
عليه وسلم عامر بن ربيعة في الحديث السابق ثم يصب على المصاب.
أما الأخذ
من فضلاته العائدة من بوله أو غائطه فليس له أصل، وكذلك الأخذ من أثره،
وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخلة إزاره ولعل مثلها داخلة غترته
وطاقيته وثوبه والله أعلم.
والتحرز من العين مقدما لا بأس به ولا ينافي
التوكل بل هو التوكل لأن التوكل الاعتماد على الله سبحانه مع فعل الأسباب
التي أباحها أو أمر بها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن
والحسين ويقول: "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين
لامة ويقول: هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحق وإسماعيل عليهما السلام " رواه
البخاري .
من يموت بسبب العين ليس له زيادة فضل
سؤال: هل لمن يموت بسبب إصابته بعين فضل أو
زيادة أجر؟
الجواب: لا أعلم أنه له زيادة أجر أو فضل لأن هذا من الأمور
التي يبتلي الله بها العبد، اللهم إلا أن يقال هذا يشبه من مات بغرق أو
حرق، وعلى كل يرجى له الخير، أما الجزم في ذلك فلا نستطيع الجزم به.
حكم من يرمي قطعة أكل إذا نظر إليه أحد حال أكله
سؤال:
بعض الناس عندما يرى من ينظر إليه وهو يأكل يرمي قطعة على الأرض خوفاً من
العين، فما حكم هذا العمل؟
الجواب: هذا اعتقاد فاسد، ومخالف لقول النبي
صلى الله عليه وسلم: "إذاا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما بها من الأذى وليأكلها
" .
حقيقة العين
سؤال: ما حقيقة العين- النضل- قال تعالى: {وَمِن
شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5) سورة الفلق، وهل حديث الرسول صلى الله
عليه وسلم صحيح والذي ما معناه قولة: "ثلث ما في القبور من العين " وإذا شك
الإنسان في حسد أحدهم فماذا يجب على المسلم فعله وقوله وهل في أخذ غسال
الناضل للمنضول ما يشفي ول يشربه أو يغتسل به؟
الجواب: العين مأخوذة من
عان يعين إذا أصابه بعينه، وأصلها من إعجاب العائن بالشيء ثم تتبعه كيفية
نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها إلى المعين وقد أمر الله
نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الحاسد فقال تعالى: {وَمِن
شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5) سورة الفلق فكل عائن حاسد وليس كل حاسد
عائنا فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن
وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة
وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه وإن صادفته حذرا
شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه وربما ردت السهام على صاحبها،
"من زاد المعاد بتصرف ".
وقد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الإصابة بالعين فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين " ، وأخرج
مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا
استغسلتم فاغسلوا " ، وأخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه عن أسماء بنت عميس
أنها قالت: "يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين، أفنسترقي لهم؟ قال:
"نعم، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين " ، وروى أبو داود عن عائشة رضي
الله عنها قالت: "كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغسل منه المعين " .
وأخرج
الإمام أحمد ومالك والنسائي وابن حبان وصححه عن سهل بن حنيف: "أن النبي
صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار من
الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر
بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد
مخبأة، فلبط سهل.
فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول
الله، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه، قال: "هل تتهمون فيه من أحد؟ "
قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا
فتغيظ عليه، وقال: " علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت ".
ثم
قال له: " اغتسل له " فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه
وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه
ثم يكفأ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس " .
فالجمهور
من العلماء على إثبات الإصابة بالعين للأحاديث المذكورة وغيرها ولما هو
مشاهد وواقع، وأما الحديث الذي ذكرته "ثلث ما في القبور من العين " فلا
نعلم صحته ولكن ذكر صاحب نيل الأوطار أن البزار أخرج بسند حسن عن جابر رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء
الله وقدره بالأنفس " ؛ يعني بالعين.
ويجب على المسلم أن يحصن نفسه من
الشياطين من مردة الجن والإنس بقوة الإيمان بالله واعتماده وتوكله عليه
ولجئه وضراعته إليه، والتعوذات النبوية وكثرة قراءة المعوذتين وسورة
الإخلاص وفاتحة الكتاب وآية الكرسي، ومن التعوذات: "أعوذ بكلمات الله
التامات من شر ما خلق " و"أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر
عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " وقوله تعالى: {حَسْبِيَ اللّهُ لا
إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ} (129) سورة التوبة، ونحو ذلك من الأدعية الشرعية وهذا هو معنى
كلام ابن القيم المذكور في أول الجواب.
وإذا علم أن إنسانا أصابه بعينه
أو شك في إصابته بعين أحد فإنه يؤمر العائن أن يغتسل لأخيه فيحضر له إناء
به ماء فيدخل كفه فيه فيتمضمض ثم يمجه في القدح ويغسل وجهه في القدح ثم
يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح ثم يدخل يده اليمنى فيصب
على ركبته اليسرى ثم يغسل إزاره ثم يصب على رأس الذي تصيبه العين من خلفه
صبة واحدة فيبرأ بإذن الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد
وآله وصحبه وسلم .
حكم التبخر بالشب والأعشاب من إصابة العين
سؤال:
هل يجوز التبخر بالشب أو الأعشاب أو الأوراق وذلك من إصابة بالعين؟
الجواب:
لا يجوز علاج الإصابة بالعين بما ذكر؛ لأنها ليست من الأسباب العاديه
لعلاجها وقد يكون المقصود بهذا التبخر استرضاء شياطين الجن والاستعانة بهم
على الشفاء .
وإنما يعالج ذلك بالرقى الشرعية ونحوها مما ثبت في
الأحاديث الصحيحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
وسلم .
حكم الغيرة من الغير
سؤال: إذا كنت في بعض الأحيان أشعر
بقسوة في قلبي وأحياناً أحس بداء مثل الشرك الخفي أو الغيرة من بعض الناس،
فما هو العلاج خصوصاً وأنا أكثر من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم :
"اللهم أعوذ بك من أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم " ، ومن
الدعاء لهؤلاء الذين أغير منهم أكفر عن خطئي تجاههم فهل هناك علاج آخر
يشفيني
من هذا الداء الخطير؟
الجواب: ينبغي لك الإكثار من ذكر الله تعالى
وتلاوة القرآن الكريم وعمل ما تستطيعين من نوافل العبادات ومجالسة أهل
الدين والصلاح، مع إخلاص العمل لله جل وعلا والابتعاد بالعبادات عن مواطن
الرياء ودفعه عند حصوله بابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة.
وأما دفع
الغيرة فيكون باعتقاد أن النعبم جميعا هبة من الله جل وعلا وأنه هو الذي
قسمها على عباده قال تعالى: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ
لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ
مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (32) سورة الزخرف، وأن يحب الإنسان لأخيه ما يحب
لنفسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب
لنفسه " ، وأن يشغل نفسه عن الغيرة والحسد، بما ينفعه من الأقوال والأعمال
الصالحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الفرق
بين السحر والعين وما العلاج للعاين والمعيون
سؤال: ما الفرق بين السحر
والعين وهل العين تقع في الدين ولها حكم؟ وما هو العلاج للطرفين العاين
والمعيون إن كان ذلك صحيحا؟
الجواب: السحر في اللغة: عبارة عما خفي ولطف
سببه.
وفي الاصطلاح: السحر عزائم ورقى ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان
المرء وزوجه قال تعالى: { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ
بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ
إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ} (102) سورة البقرة
وأما العين فهي مأخوذة من
عان يعين إذا أصابه بعينه، والعين حق كما ورد في الحديث الصحيح أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين
وإذا استغسلتم فاغسلوا " ، وحكمها أنها محرمة كالسحر.
وأما العلاج
للعائن فإذا رأى ما يعجبه فليذكر الله وليبرك كما جاء في الحديث "هلا إذا
رأيت ما يعجبك بركت " فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله ويدعو للشخص
بالبركة.
وأما المعيون فيحصن نفسه بالإيمان بالله والتوكل عليه وقراءة
ورد من القرآن والأدعية المأثورة.
وإذا علم المعيون من أصابه بعينه فإنه
يشرع له أن يطلب منه أن يغسل وجهه ويديه وداخلة إزاره في إناء ثم يغتسل
المعين بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"وإذا استغسلتم فاغسلوا".
وصلى
الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
علاج الحسد وكيفية الوقاية منه
شرعا
سؤال: ما علاج الحسد وكيفية الوقاية منه شرعا...؟
الجواب: الحسد
داء خطير ونقص عظيم وهو تمني زوال نعمة الله عمن أنعم عليه من خلقه وهو
اعتراض على الله وهو من صفات اليهود والكفار قال تعالى: {مَّا يَوَدُّ
الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن
يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ } (105) سورة البقرة،
وقال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم
مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن
بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } (109) سورة البقرة. وقال تعالى عن
اليهود الذين حسدوا محمدا صلى الله عليه وسلم: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ
عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ } (54) سورة النساء
وعلاج الحسد
ليذهب عن الإنسان أن يستعيذ بالله منه ويسأله أن يعافيه منه ويكثر من ذكر
الله عندما يرى ما يعجبه.
وأما علاجه بالنسبة للمحسود فهو أن يستعيذ
بالله من شر الحاسد ويقرأ المعوذتين ويدعو الله سبحانه وتعالى ويتوكل عليه .
كيفية
تلافي الحسد ودرئه عن النفس والأهل
سؤال: كيف يمكن للإنسان أن يتلافى
الحسد ويدرأه عن نفسه وأهله؟
الجواب: الحسد هو تمني زوال النعمة عن
المحسود، وهو صفة ذميمة لأنه من صفات إبليس ومن صفات اليهود ومن صفات شرار
الخلق قديما وحديثا؛ ولأنه وعدم رضا بقسمته.
ويدفع المؤمن عن نفسه
الاتصاف بالحسد بأن يرضى بقضاء الله وقدره وأن يحب لأخيه من الخير ما يحبه
لنفسه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما
يحبه لنفسه "، ويدفع الاتصاف بالحسد عن نفسه أيضا بالسعي في الأسباب التي
تجلب له الخير وتدفع عنه الشر بحسن الظن بالله ورجاء ما عنده .
ويدفع عن
نفسه وعن أهله شر حسد الحاسدين بالاستعاذة بالله من شرهم فقد أمر الله
نبيه في سورة الفلق بالاستعاذة من شر حاسد إذا حسد.. وكذلك يدفع شر
الحاسدين بالصدقة والبر والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين خصوصا عندما يحصل
على مال وعنده من ينظر إليه أحد من المحتاجين فإنه يتصدق عليهم ويدفع
تطلعهم ونظرهم إلى ما بيده، والله أعلم .